مقال: المشروعات الصغيرة كواحدة من أدوات عدالة التوزيع في اقتصاد إسلامي – هايل طشطوش

المشروعات الصغيرة كواحدة من أدوات عدالة التوزيع في اقتصاد إسلامي

بقلم : هايل عبد المولى طشطوش

لم تكن الصناعات الصغيرة وليدة عصرنا الحاضر فحسب بل هي الأساس الذي قام علية اقتصاد البشرية منذ ادم علية السلام إلى اليوم حيث لم يكن اقتصاد الأمم الغابرة اقتصاد ضخم او صناعات ثقيلة او مشروعات كبيرة الحجم من حيث راس المال او الأيدي العاملة بل كان اقتصاد فرديا او اسريا او بيتيا او جمعي صغير على مستوى الحي والقرية او التجمع ليس أكثر، وقد كان لهذا النوع من الصناعات أثره الفعال في بناء حضارة الإنسان على مر التاريخ ، فصناعه الغزل والنسيج مثلا ابتدأت بالحياكة اليدوية لما يحتاج إلية الإنسان من اللباس او الفراش او البيوت كونها كانت تصنع من الشعر او الصوف ، وكذلك الحال في المشروعات الزراعية فكانت حراثة الأرض وفلاحتها وزراعتها مقتصرة على ما يحيط ببيت الإنسان من ارض وهكذا ، وعندما تحولت الصناعات والمشروعات الى الحجم الكبير جنحت إلى الاحتكار والهيمنة واستعباد العمال ولذلك تاريخ طويل – لا مجال لذكره الآن – أدى إلى قيام النظم الاقتصادية المختلفة ، وقد عرف التاريخ الإسلامي المشروعات الصغيرة وحض عليها الإسلام من خلال دعوته الرجل ليحمل فأسه ويحتطب ويبيع ويكسب مالا ينفق منه على نفسه وعلى عياله وقد عرفت الحياة الإسلاميه المشروعات الصغيرة سواء في مجتمع مكة المكرمة او المدينة المنورة . أما في الوقت الحاضر فالمشروعات الصغيرة ذات مدلولات مختلفة تختلف من اقتصاد إلى آخر وهناك معايير مختلفة لتحديد معنى المشروعات الصغيرة منها حجم رأس المال ، وعدد العاملين ، وحجم المبيعات ، وشكل الملكية ، فعلى سبيل المثال معيار عدد العاملين حيث ينظر إلى المشروع الذي يستوعب عددا من العمال بدءا من عامل إلى أربعة عمال على أنه مشروع متناه في الصغر والمشروع الذي يستوعب من خمسة عمال إلى أربعة عشر عاملا على أنه مشروع صغير ، أما المشروع الذي يستوعب من خمسة عشر عاملا إلى تسعة وأربعين عاملا على أنه مشروع متوسط ن وما زاد على ذلك فهو مشروع كبير ولكن هذه المعايير تختلف من بلد إلى آخر فما قد يعد مشروعا صغيرا في بلد قد يعتبر مشروعا ضخما في بلد آخر فهناك بعض الدول تعتبر المشروع الصغير هو الذي يحتوي على 5000 آلاف عامل بينما بعض الدول وكما اشرنا تعتبر المشروع الصغير هو الذي يعمل به خمسة عمال أو اقل كما أن تلك المشاريع لها حضورها في مختلف بلدان واقتصادات العالم، ففي أميركا على سبيل المثال لا الحصر، تشكل المشروعات الصغيرة 97 % من عدد المشروعات فيها، حيث يوجد نحو 13 مليون مشروع يعمل فيها أكثر من نصف العاملين في أميركا تؤمن ثلثي فرص العمل للعمالة الجديدة، وفي اليابان تبلغ المشروعات الصغيرة نحو 4ر99% من عدد المشروعات فيها، وتستخدم هذه المشروعات 4ر 84 % من إجمالي العمالة. وفي الأردن تشكل المشروعات الصغيرة ما نسبته 98% من الصناعات القائمة ويعمل بها أكثر من 60% من قطاع العمال . أما من حيث كونها أداه من أدوات عدالة التوزيع وذلك لأنها تتوزع على اكبر عدد ممكن من الأفراد وخاصة أولئك الناس الذين يملكون الإمكانيات العملية والعلمية ولكنهم لا يجدون التمويل اللازم لإظهار براعتهم وكفاءتهم العلمية والعملية ، يضاف إلى ذلك ان الفئات التي ترغب وتستطيع القيام بهذا النوع من المشروعات هي الفئات الفقيرة او النساء المعيلة لأسر فقدت الأب والمعيل او هي مجموعات من الشباب الذي حصل على التأهيل الأكاديمي ولكنه ما زال ينتظر فرصة العمل المناسبة ونظرا لان التمويل الذي تحتاجه هذه المشروعات عادة ما يكون حجمه قليل فان ذلك يتيح للمؤسسات الممولة او المانحة ان تقدمة لأكبر عدد ممكن من الطالبين إضافة إلى ان السداد سيكون سهلا وميسرا عليهم مما يجعل الفائدة تعم وتتسع بذلك شريحة الفئات المستفيدة من الأموال بدلا من ان تبقى بيد فئة من الناس دون أخرى ، وتواجه المشروعات الصغيرة – من الناحية الاقتصادية الإسلامية – مشكلة التمويل الذي في غالبة تمويل ربوي يجعل المستفيدين في النهاية عاجزين عن السداد لأنها تفقدهم الميزة التنافسية وبالتالي تفشل مشروعاتهم وتذهب جهودهم أدراج الرياح ، لذا كان التمويل الإسلامي هو المنقذ من براثن الفائدة الربوية لأنه يقوم على صيغ التمويل الإسلامي المعروفة وهي المضاربة والمرابحة والمشاركة والبيع الآجل والسلم والاستصناع ..وغيرها ، وقد تبهت المصارف الإسلامية الى هذا النوع من المشروعات وعملت على دعمه واتسع نطاق التمويل على مستوى العالم الإسلامي حيث شهدت السنوات الماضية تضاعفا في حجم عمل البنوك الإسلامية، بما يسمح لها بلعب دور أساسي في تمويل للمشروعات الصغيرة في الدول العربية والإسلامية، فقد وصل عدد هذه المؤسسات الى أكثر من 300 مؤسسه وأصولها بلغت في عام 2010 حوالي تريليون دولار هذا بدون اعتبار نوافذ البنوك التقليدية وشركات التأمين وصناديق الاستثمار الإسلامية، وذلك وفقا للتقارير المالية المختلفة . وعلى العموم ينظر كثير من الباحثين والخبراء الاقتصاديين إلى أن المشاريع الصغيرة تعتبر أحد الحلول الرئيسة لمعالجة مشكلتي الفقر والبطالة والتصدي لهما، خصوصاً في الدول النامية والتي من ضمنها الدول العربية والإسلامية. إضافة إلى مساهمتها في توسيع قاعدة توزيع الدخول والثروات نشرت في السبيل العدد 1268 لم تكن الصناعات الصغيرة وليدة عصرنا الحاضر فحسب بل هي الأساس الذي قام علية اقتصاد البشرية منذ ادم علية السلام إلى اليوم حيث لم يكن اقتصاد الأمم الغابرة اقتصاد ضخم او صناعات ثقيلة او مشروعات كبيرة الحجم من حيث راس المال او الأيدي العاملة بل كان اقتصاد فرديا او اسريا او بيتيا او جمعي صغير على مستوى الحي والقرية او التجمع ليس أكثر، وقد كان لهذا النوع من الصناعات أثره الفعال في بناء حضارة الإنسان على مر التاريخ ، فصناعه الغزل والنسيج مثلا ابتدأت بالحياكة اليدوية لما يحتاج إلية الإنسان من اللباس او الفراش او البيوت كونها كانت تصنع من الشعر او الصوف ، وكذلك الحال في المشروعات الزراعية فكانت حراثة الأرض وفلاحتها وزراعتها مقتصرة على ما يحيط ببيت الإنسان من ارض وهكذا ، وعندما تحولت الصناعات والمشروعات الى الحجم الكبير جنحت إلى الاحتكار والهيمنة واستعباد العمال ولذلك تاريخ طويل – لا مجال لذكره الآن – أدى إلى قيام النظم الاقتصادية المختلفة ، وقد عرف التاريخ الإسلامي المشروعات الصغيرة وحض عليها الإسلام من خلال دعوته الرجل ليحمل فأسه ويحتطب ويبيع ويكسب مالا ينفق منه على نفسه وعلى عياله وقد عرفت الحياة الإسلاميه المشروعات الصغيرة سواء في مجتمع مكة المكرمة او المدينة المنورة . أما في الوقت الحاضر فالمشروعات الصغيرة ذات مدلولات مختلفة تختلف من اقتصاد إلى آخر وهناك معايير مختلفة لتحديد معنى المشروعات الصغيرة منها حجم رأس المال ، وعدد العاملين ، وحجم المبيعات ، وشكل الملكية ، فعلى سبيل المثال معيار عدد العاملين حيث ينظر إلى المشروع الذي يستوعب عددا من العمال بدءا من عامل إلى أربعة عمال على أنه مشروع متناه في الصغر والمشروع الذي يستوعب من خمسة عمال إلى أربعة عشر عاملا على أنه مشروع صغير ، أما المشروع الذي يستوعب من خمسة عشر عاملا إلى تسعة وأربعين عاملا على أنه مشروع متوسط ن وما زاد على ذلك فهو مشروع كبير ولكن هذه المعايير تختلف من بلد إلى آخر فما قد يعد مشروعا صغيرا في بلد قد يعتبر مشروعا ضخما في بلد آخر فهناك بعض الدول تعتبر المشروع الصغير هو الذي يحتوي على 5000 آلاف عامل بينما بعض الدول وكما اشرنا تعتبر المشروع الصغير هو الذي يعمل به خمسة عمال أو اقل كما أن تلك المشاريع لها حضورها في مختلف بلدان واقتصادات العالم، ففي أميركا على سبيل المثال لا الحصر، تشكل المشروعات الصغيرة 97 % من عدد المشروعات فيها، حيث يوجد نحو 13 مليون مشروع يعمل فيها أكثر من نصف العاملين في أميركا تؤمن ثلثي فرص العمل للعمالة الجديدة، وفي اليابان تبلغ المشروعات الصغيرة نحو 4ر99% من عدد المشروعات فيها، وتستخدم هذه المشروعات 4ر 84 % من إجمالي العمالة. وفي الأردن تشكل المشروعات الصغيرة ما نسبته 98% من الصناعات القائمة ويعمل بها أكثر من 60% من قطاع العمال . أما من حيث كونها أداه من أدوات عدالة التوزيع وذلك لأنها تتوزع على اكبر عدد ممكن من الأفراد وخاصة أولئك الناس الذين يملكون الإمكانيات العملية والعلمية ولكنهم لا يجدون التمويل اللازم لإظهار براعتهم وكفاءتهم العلمية والعملية ، يضاف إلى ذلك ان الفئات التي ترغب وتستطيع القيام بهذا النوع من المشروعات هي الفئات الفقيرة او النساء المعيلة لأسر فقدت الأب والمعيل او هي مجموعات من الشباب الذي حصل على التأهيل الأكاديمي ولكنه ما زال ينتظر فرصة العمل المناسبة ونظرا لان التمويل الذي تحتاجه هذه المشروعات عادة ما يكون حجمه قليل فان ذلك يتيح للمؤسسات الممولة او المانحة ان تقدمة لأكبر عدد ممكن من الطالبين إضافة إلى ان السداد سيكون سهلا وميسرا عليهم مما يجعل الفائدة تعم وتتسع بذلك شريحة الفئات المستفيدة من الأموال بدلا من ان تبقى بيد فئة من الناس دون أخرى ، وتواجه المشروعات الصغيرة – من الناحية الاقتصادية الإسلامية – مشكلة التمويل الذي في غالبة تمويل ربوي يجعل المستفيدين في النهاية عاجزين عن السداد لأنها تفقدهم الميزة التنافسية وبالتالي تفشل مشروعاتهم وتذهب جهودهم أدراج الرياح ، لذا كان التمويل الإسلامي هو المنقذ من براثن الفائدة الربوية لأنه يقوم على صيغ التمويل الإسلامي المعروفة وهي المضاربة والمرابحة والمشاركة والبيع الآجل والسلم والاستصناع ..وغيرها ، وقد تبهت المصارف الإسلامية الى هذا النوع من المشروعات وعملت على دعمه واتسع نطاق التمويل على مستوى العالم الإسلامي حيث شهدت السنوات الماضية تضاعفا في حجم عمل البنوك الإسلامية، بما يسمح لها بلعب دور أساسي في تمويل للمشروعات الصغيرة في الدول العربية والإسلامية، فقد وصل عدد هذه المؤسسات الى أكثر من 300 مؤسسه وأصولها بلغت في عام 2010 حوالي تريليون دولار هذا بدون اعتبار نوافذ البنوك التقليدية وشركات التأمين وصناديق الاستثمار الإسلامية، وذلك وفقا للتقارير المالية المختلفة . وعلى العموم ينظر كثير من الباحثين والخبراء الاقتصاديين إلى أن المشاريع الصغيرة تعتبر أحد الحلول الرئيسة لمعالجة مشكلتي الفقر والبطالة والتصدي لهما، خصوصاً في الدول النامية والتي من ضمنها الدول العربية والإسلامية. إضافة إلى مساهمتها في توسيع قاعدة توزيع الدخول والثروات

نشرت في جريدة السبيل العدد 1268