ملخص كتاب : حقوق الانسان بين الفكر الاسلامي والتشريع الوضعي _ المولف هايل طشطوش

ملخص كتاب

حقوق الإنسان بين الفكر الإسلامي والتشريع الوضعي

للباحث هايل عبد المولى طشطوش

 لقد صدر هذا الكتاب في ربيع عام 2007 عن دار الكندي للنشر والتوزيع في اربد /الأردن وهو يقع في 230  صفحه من الحجم الكبير ،وهو من الكتب الهامة والمفيدة والتي تناقش موضوعا من أكثر المواضيع حساسية في هذة المرحلة بالذات حيث ان موضوع ( حقوق الإنسان ) موضوع هام وحساس ،وهو مطروح للنقاش والتداول على موائد البحث في كافة الأوساط السياسية والاجتماعية والفكرية والدينية والقانونية وذلك لحساسيته وتعلقه بأهم ما خلق الله على وجه هذه البسيطة وهو الإنسان ، وخاصة أن حقوق الإنسان في الوقت الحاضر  – ورغم تقدم البشرية – إلا أنها تتعرض للانتهاك والامتهان والانتقاص في شتى بقاع الأرض وفي كافة أصقاع المعمورة .

 إن الأحداث الجسام التي أصابت العالم ومنذ العقد الأخير من القرن الماضي كان لها دور كبير في إبراز موضوع حقوق الإنسان للنقاش والبحث أكثر من أي وقت مضى ، فاختلال الموازين في العلاقات الدولية وانتهاء الحرب الباردة وتلاشي التوازن في النظام الدولي ووجود قوة واحدة تهيمن على العالم أدى إلى تغير الكثير من المفاهيم وبروز أخرى على سطح العلاقات الدولية .

إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما افرزتة من تداعيات كموضوع الحرب على الإرهاب ، وصراع الحضارات والأصولية والتشدد وغيرها من المفاهيم ، جعلت أصابع الاتهام تشير -من قريب أو من بعيد-  إلى الإسلام بالتشدد والعنف والتطرف والتخلف والرجعية وبأنة ينتهك حقوق الإنسان ولا يقيم لها وزنا ، إلى غير ذلك من الاتهامات ، لذك فان إبراز موضوع حقوق الإنسان في الإسلام وإظهار سماحته ورحمته وعدالته ودعوته إلى الخير والمحبة ، هو واجب يقع على عاتق كل واحد من المسلمين وخصوصا أولئك الين اتخذوا من القلم والرقة رسالة لهم في هذه الحياة ، وهي أمانة في أعناقهم لبيان الصورة الحقيقية المشرقة للإسلام انتزاع الصورة المشوهة من أذهان الكثيرين من الناس في هذا العالم .

لذا فقد جاء هذا الكتاب ليوضح أن الإسلام هو دين ( حقوق الإنسان ) وهو دين العطف والشفقة والرحمة والمحبة والتالف والتسامح والحرية والانفتاح ، وقد وضع الإسلام القواعد والأسس العظيمة التي تحترم الإنسان وتقدسه باعتباره قطب الرحى في هذا الكون ، وقد جاءت الشريعة السمحة بالكثير من الحريات والحقوق التي غفلت عنها الحضارات والأمم السابقة له،لأنها شريعة كاملة  متكاملة لا يعتريها النقص أو التقصير .

اشتمل هذا الكتاب على ثلاثة أبواب تم تقسيمها إلى تسعة فصول  سبقها تمهيد يوضح مكانة الإنسان واهميتة في الإسلام ،ففي الباب الأول، جاء الفصل الأول فيه ليعرض لتحديد مفهوم ” حقوق الإنسان ” في الأدبيات المختلفة       حيث بينت الدراسات ان مفهوم ( حقوق الإنسان )” هو مفهوم حركي ديناميكي/تاريخي وليس جامد يتطور مع تطور المجتمع ، ويختلف من مجتمع إلى أخر، فهو أذن ليس مفهوم مجرد بل له حمولة سياسية وايدولوجية واضحة ، وقد عرف هذا المفهوم تطورا ملموسا وتوسعا كبيرا خلال القرنين 19 ،و20 وقد ساهمت الحركات العمالية النضالية في بلورته وتسريع تطوره وتعزيزه ، ” ([1]) أما بالنسبة لتحديد وتعريف هذا المفهوم ، فقد تعددت وتنوعت التعاريف وحسب وجهة نظر الدارس والباحث والزاوية التي تناول من خلالها الموضوع ومن هذه التعاريف وبشكل عام فأنها تعني ” تلك الحقوق الأصيلة في طبيعتها والتي بدونها لا نستطيع العيش كبشر” ([2]) وكذلك فإنها تعني ” تلك الحاجات والمطالب التي يجب أن تتوفر للجميع الأفراد من دون تمييز بينهم لاعتبارات الجنس أو اللون أو النوع او الدين أو المذهب السياسي أو الأصل الوطني أو الجنسية “([3]) ، وقد يشير المفهوم إلى ” أنها مجموعة الاحتياجات والمطالب التي يلزم توفرها لعموم الأشخاص دون تمييز بينهم سواء لاعتبارات الجنس أو اللون أو النوع أو المذهب السياسي أو الأصل الوطني أو أي اعتبار أخر ” وقد عرفها بعض الباحثين بأنها ” فرع خاص من فروع العلوم الاجتماعية يختص بالعلاقات بين الناس استنادا إلى كرامة الإنسان بتحديد الحقوق والرخص الضرورية لازدهار كل كائن بشري ” وفي تعريف أخر نرى أنها تعني ” مجموعة من الحقوق الطبيعية ، والتي تشمل كافة جوانب الحياة السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، ويتمتع بها كل كائن بشري ويحميها في كافة مراحله العمرية بشكل فردي أو جماعي. وهي الضمانات القانونية العالمية التي تهدف إلى حماية الأفراد والمجموعات من تدخل السلطات في الحريات الأساسية وتلزمها بالقيام بأفعال معينة أو الامتناع عن أفعال أخرى حفاظا على الكرامة الإنسانية.([4])

– وكذلك فإنها قد تعني:”مجموعة الحقوق الطبيعية التي يمتلكها الإنسان  واللصيقة بطبيعته والتي تبقى قائمه إن لم يتم الاعتراض بها بل أكثر من ذلك حتى لو انتهكت من قبل سلطة ما “.

من خلال التعاريف السابقة نستطيع القول بان مصطلح حقوق الإنسان يعني ” كل ما تقتضيه الطبيعة الإنسانية من احتياجات وضروريات لكي تبقى هناك قوة تدفع الإنسان نحو الشعور بالاطمئنان والاستقرار حماية له من الانحلال والتدهور والضعف والانتهاك بعيدا عن التمييز للون أو جنس أو أصل أو دين ، الدافع في ذلك هو الخصائص الإنسانية المشتركة بين جميع البشر من حيث النشاءة والطبيعة ،وبذلك تكون حقوق الإنسان ذات طابع عالمي تشمل جميع البشر دون استثناء .

 وفي هذا الفصل ايضا عرض للحقوق الأساسية في الإسلام مثل :

ا. الحقوق المتعلقة ببدن الإنسان وذاته:

 كحق الحياة وحق الحرية الشخصية وحرية الرأي والتعبير ،حق حماية الشرف والاعتبار ،حق المساواة الانسانيه،حق الحرمه الشخصيه والحياة الخاصه .

ب: الحقوق والحريات الاجتماعية الفكرية:مثل

حرية التعبير عن الرأي (freedom of expression ) ، الحرية الدينية( حرية الاعتقاد) ،حريه الفكر والتفكير،حق الرعايه الاجتماعيه .

ج: الحقوق المدنية والسياسية:والتي من ابرزها :

حق العمل والكسب ،حق التملك ،حريه المعامله والسلوك ،حق تولي الوظائف العامه والمشاركه السياسيه ، ….الخ من الحقوق الهامة في حياة الإنسان  كحقوق غير المحاربين وحقوق الاسرى، وحق الامن وحق تقرير المصير  ولم نغفل عن التطرق للحديث عن حقوق المعاقين في الاسلام لان المعوقون في نظر الاسلام هم جزء من المجتمع الإنساني أولا وهم بشر لهم حقوق وحريات ضرورية لدوام حياتهم بكرامة وإنسانية ، ونظرا لأهمية الطفل في الإسلام باعتباره رجل الغد وصانع مستقبل الأمة ،فقد تم إفراد فصل خاص يعرض لحقوق الطفل التي اعطاة إياها الإسلام كحق النسب والاسم والمساواة والحنان والتربية والتعليموحريه التعبير والراي وحق الحنان والرحمه وحق المساواة في المعامله …الخ من الحقوق والحريات .

أما الفصل الثالث فقد جاء ليتحدث عن حقوق المرأة في الإسلام والعناية الفائقة التي أولاها الإسلام للمرأة ،وفي ذلك رد على كل الجاحدين والمتشدقين والمتهمين للإسلام بأنة هضم حقوق المرأة وكبت حريتها وقلل من شانها ، حيث حظيت المرأة في الإسلام بمكانة عظيمة لم يسبقه إليها دين أو شريعة أو مبدأ، فاعتبر الإسلام المرأة شقيقة الرجل المحترمة، وزوجته الحبيبة، وأمه الحنونة،وابنته العطوفة ،تقف إلى جانبه في الشدائد والمحن ، تسانده وتساعده في ظروفه الصعبة وتعينه على نوائب الدهر وتكون عونا له لا عونا عليه ،مصدر فخر له لا مصدر عار وخزي، لأنه –الإسلام- رباها وعلمها فأحسن تربيتها وأحسن تعليمها وصنع منها العون والمدد للرجل، وليس أعظم من موقف السيدة خديجة أم المؤمنين حين وقفت إلى جانب زوجها النبي الكريم وأيدته وصدقته وآمنت به حين كفر به الناس وعندما آذوه ورفضوا دعوته فكانت له العون والمدد، حيث ظل (ص) يذكرها بالخير والذكر الحسن إلى أن قبض (ص) ([1]).

لم تفرق الشريعة الإسلامية بين الرجل والمرأة من حيث الحقوق والواجبات كونها جاءت تكريما للإنسان كانسان وليست للرجل دون المرأة، فبالإسلام يتساوى الرجل والمرأة من حيث التكليف والجزاء، فالمرأة تدخل الجنة جزاء على أعمالها الصالحة والرجل يدخل النار أن قصر في أداء واجباته الرئيسية تجاه الله، لذلك نجد أن الثواب أو العقاب ليس مخصوصا به الرجل دون المرأة في الإسلام مصداقا لقوله تعالى: “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”([5]) وكذلك قوله تعالى: “من يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا” ([6] ) وهنا  تأكيد على أن الجزاء في الآخرة واحد للجنسين لا تمييز بينهما. قال تعالى: “فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض”([7]) .

هنا مساواة تامة بين الرجل والمرأة في القيمة الإنسانية وفي الحقوق والواجبات،أما الاختلاف فقط يكون بما اختلفتا به طبيعتهما الخلقية، إذ ليس من العدل أن تفرض قوانين موحدة على شخصين لهما طبيعتان مختلفتان.

لذلك فإن الإسلام قد أوجب للمرأة كثيرا من الحقوق التي تحفظ لها كرامتها وتصون أنوثتها وتقدس كيانها ومن ابرزها :حق الحياة ،حق الملكيه وحق المساوا الانسانيه ،حق الميراث وحق النفقه ،حق المهر وحق التعليم وحسن التربيه وحق حريه الراي والتعبير.

أما الفصل الرابع فقد تم تخصيصه للحديث عن الحقوق العامة لغير المسلمين في ظل الدولة الإسلامية وأيضا في ذلك بيان لاحترام الإسلام لهذه الفئة ومنحها الحقوق التي تحفظ لها كرامتها وتصونها وترعاها في ظل الإسلام الحنيف السمح ومن ابرز هذه الحقوق:  حرمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم،حرية الاعتقاد والتدين ،حرية العمل  والكسب،حق تولي الوظائف الحكومية. المعاملة الحسنة ، حرية التنقل والسكن ،حق الضمان الاجتماعي والكفالة ، حق التعليم والفكر، حق الحماية من العدوان.. .

ثم أردت وبعد عرض هذه الحقوق التي اقرها الإسلام لكافة هذه الفئات أن أبين خصائص ومميزات هذه الحقوق لان في ذلك توضيح لأهميتها وتفردها عن غيرها من الحقوق والحريات التي أقرتها القوانين الوضعية باعتبارها إلهية ربانية وليست من صنع البشر  .

وفي الباب الثاني- الخاص بالحديث عن حقوق الإنسان في التشريعات الوضعية- فقد جاء الفصل الأول منه ليعرض للحقوق التي أقرتها المواثيق والإعلانات والاتفاقات الدولية والتشريعات الوضعية ومدى تطابقها وتوافقها مع ما جاءت بة الشريعة الإسلامية.

ولا شك أن الدستور الأردني الذي قام على أسس عصرية ومتحضرة قد جاء بحقوق وحريات أساسية هامة للإنسان كان من الجدير أن يفرد لها فصل خاص ،وتبع ذلك كله ملحق خاص يعرض للفصل الثاني من الدستور الأردني وذلك للفائدة وزيادة المعرفة .

 أما الباب الثالث من هذا الكتاب فقد تم إفراده للحديث عن حقوق الإنسان في ظل ظروف العولمة والتغييرات التي طرأت عليها بما ذلك حقوق المرأة ، وخاصه أن الظروف والأحوال التي يمر بها العالم وما تحمله من الآلام وأمال وما تحمله من تطورات وتغيرات على كافة الصعد وفي كافة المجالات تؤثر وبشكل مباشر على الإنسان ذلك لأنة محور الكون واساسة وخاصه  عندما شارف القرن الماضي على الانتهاء ، -وفي العقد الأخير منة  تحديدا- حصلت تغيرات وتبدلات كثيرة في هذا الكون أدت إلى تغير النظام السائد فيه ، فانهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك المنظومة الاشتراكية وانفراد قوة واحدة في الهيمنة على العالم وما رافق ذلك من ثورة هائلة في المعلومات والاتصالات والمواصلات ودخول عصر الفضائيات وانتشار الانترنت والهواتف النقالة ، كل ذلك ساعد على تقارب أطراف الكرة الأرضية من بعضها البعض وتحولها إلى قرية صغيرة يسهل التجوال فيها ، فذابت الحدود وتقاربت المسافات ولم يعد للدولة القومية هيمنة على حدودها الجغرافية كما كان الأمر سابقا ، بل أصبحت الشركات المتعددة ( المتعدية ) الجنسية لها من القوة المادية والمعنوية ما يفوق قوة كثير من الدول ، فدخل العالم في مرحلة جديدة هي مرحلة ( العولمة ) التي تهيمن فيها منظومة ثقافية واجتماعية واقتصادية وفكرية وسياسية وأخلاقية وعسكرية واحدة على العالم هي المنظومة الغربية بل بلفظ أدق المنظومة الأميركية لدرجة أن كثير من المفكرين أطلق عليها مرحلة (الأمركة ) وليس العولمة ، حيث تحاول الولايات المتحدة فيها فرض نموذجها  – بكل ما يحتويه من قيم ومبادئ – على العالم دون مراعاة لخصوصيات الأمم والشعوب ، مما خلق الكثير من التناقضات والأزمات الفكرية والأخلاقية ، فظهر إلى الوجود مصطلح ( صراع الحضارات ) الذي نادى بة صموئيل هنتنغتون، ومصطلح ( نهاية التاريخ ) على اعتبار أن العالم قد وصل إلى قمة تطوره وتقدمة بسيادة هذا النظام العالمي الجديد (الغربي) وما على العالم كله إلا الإذعان والالتزام والتقيد بأخلاقيات هذا النظام ، لاشك إن هذا الانفتاح  وهذا التغير كان له الأثر الأكبر على حقوق الإنسان المدنية والسياسية  سواء كان هذا التأثر سلبا أو إيجابا .

إن هذا الكتاب هو ثمرة للبحث التمحيص والتجميع والتدقيق من مراجع  ومصادر مختلفة  عالجت هذا الموضوع واعطتة حقه بشكل موفق وناجح ، ولكن ولكي تستمر المسيرة فلا بد ان نواصل الكتابة والتوضيح في هذا الموضوع وخاصة في ظل هذه الهجمة الشرسة التي يتعرض فيها ديننا الحنيف للتجريح والاتهام والتشويه ، أملا أن يكون فيه النفع والفائدة والخير للقارئ العربي والمسلم وغير المسلم وتزويد للمكتبة العربية والإسلامية بالجديد والنافع.

لقد حظي هذا الكتاب بشرف التقديم له من قبل واحد من الأساتذة الأفاضل وهو الدكتور محمد المقداد أستاذ العلوم السياسية في معهد بيت الحكمة في جامعة آل البيت  حيث أفاد وأجاد فله كل الشكر والاحترام على ما قدم .

صور غلاف كتاب حقوق الانسان