تلخيص بحث د. القري عن مشكلات المصارف وحلولها – د. بشر محمد موفق

تلخيص بحث د. القري عن مشكلات المصارف وحلولها – بشر محمد موفق

تلخيص بحث د. القري عن مشكلات المصارف وحلولها – بشر محمد موفق

تلخيص بحث:

“عرض لبعض مشكلات البنوك الإسلامية، ومقترحات لمواجهاتها”

للباحث: د. محمد علي القري

تلخيص: بشر محمد موفق

gmail.com@bishrmm


* الأولى: مشكلة المماطلة في تسديد الديون:

1. وصف المشكلة:

من المعلوم أن النشاط الرئيس للبنوك -بما فيها البنوك الإسلامية -هو الائتمان، وشأنها شأن كافة مؤسسات القطاع الخاص هو تحقيق الأرباح، ولكن الأرباح لا تتحقق إلا إذا الْتزم العميل بتسديد دينه في أجله المحدد وبدون مماطلة. ذلك لأن الائتمان الذي أشرنا إليه آنفا مرتبط بالزمن, فإذا ماطل العميل في السداد لم يتحقق ذلك الربح المتوقع حتى لو سدد الدين بكامله.

ورُبَّ قائل: إن الديون تكون دائما موثقةً بضمانات عينية وشخصية ورُهون وغيرها، فما على المصرف إذا ماطل العميل في السداد إلا التنفيذ عليها واستخلاص ديونه. لكن الأمر خلاف ذلك, إذْ من المعروف أن قوة الضمانات ليست هي الأساس في التمويل بل الأساس هو الثقة في العميل. أضف إلى ذلك أن جميع هذه الضمانات لا يمكن التنفيذ عليها إلا بحكم من المحكمة, وهو أمر يستغرق وقتا طويلا، ويكون الربح قد فات على البنك.

والتجربة العلمية عند أكثر البنوك الإسلامية تدل على أن الأفراد إذا ترك لهم الحبل على الغارب ركبوا العظائم ومالَ أكثرُهم للمماطلة في تسديد الديون لأمنهم العاقبة.

2. الآثار السلبية لهذه المشكلة على العمل المصرفي الإسلامي:

أ ) اتجاه البنوك الإسلامية إلى المبالغة في طلب الرهون والضمانات, مما يحصر فرص الاستفادة من التمويل في فئة الأثرياء القادرين على تقديم الضمانات.

ب) افتراض أن كل عميل هو مظنة المماطلة، وترتب على هذا اتجاهها إلى رفع هوامش الربح حتى تعوض عن تلك المماطلة إذا حصلت, لأنه لا يمكنها الحصول على تعويض عن تلك بعد ثبات الدين في ذمة العميل؛ لأنه ربا محرم.

ج) صارت البنوك عاجزة عن اجتذاب العملاء الممتازين الذين لا يماطلون، وذلك لعجزها عن التفريق بين الأمين الملتزم والمماطل.

3. مقترحات لمعالجة المشكلة:

لقد حثت الشريعة على حُسْن الاقتضاء وأمرت برد الأمانات والديون إلى أصحابها، ومنعت المماطلة في الديون، إلا أن يكون المدين معسراً عاجزاً عن الوفاء، للحديث: “مطل الغني ظلم”، وحديث: “ليُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته”.

إن مبدأ معاقبة المدين المليء المماطل مقبولٌ شرعاً، إلا بعقوبة مالية تعوض الدائن عما يلحقه من ضرر متمثل في فوات فرص الاستثمار والربح. كما أن البنوك إذا أُلزِمت بضرورة إثبات ملاءة المماطل حتى يمكن مجازاته، فإن العقوبة تكون أمراً بعيد المنال، ويأمن المماطلون العقوبة مما يشجعهم على التمادي أكثر.

وإن العائد على الاستثمار للمصرف الدائن محسوبٌ على أساس الزمن، فلا يتحقق الربح للبنك بمجرد استرداد الدين بل بسداده في الأجل المحدد، واقترح الباحث:

1) تصميم مجموعة من الإجراءات التي تتضمن عقوبة تردع المماطلين دون أن تؤدي إلى الربا المحرم، فقامت فكرة غرامات التأخير على كل مماطل، وإنشاء صندوق خاص تصب فيه هذه الغرامات، ويوجَّه إلى أعمال البر والخير. وهنا تحقق هدف الردع الضروري لحُسْن سير المعاملات المالية، دون أن يتحقق الربا فلا يستفيد منها الدائن حتى لا تؤول إلى الربا.

2) معاقبة المدين المماطل بإلزامه بقرض الدائن (المصرف) مبلغاً مساوياً للدين الذي ماطل في سداده ولمدة مساوية لمدة المماطلة.

* الثانية: مشكلة الارتباط بأسعار الفائدة العالمية:

1. وصف المشكلة:

هناك فرق كبير بين البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية يتمثل في أن الفائدة زيادة مشروطة في القرض الربوي، في حين أن هامش المرابحة هو جزءٌ من ثمن بيع صحيح، ورغم ذلك فهي مرتبطة بأسعار الفائدة العالمية.

2. بعض أسباب ربط هامش الربح بأسعار الفائدة:

1) تمارس البنوك الإسلامية نشاطها في بيئة واحدة تتنافس فيها مع البنوك التقليدية.

2) إن الممارسة المصرفية تحتاج إلى معيار تُقاس عليه فرص التمويل المختلفة، ونجد أنه يتمثل في ليبور Libor وهو السعر الرسمي للفائدة على القروض بين البنوك في لندن، وبرايم ريت Prime Rate في نيويورك، ولا يوجد للبنوك الإسلامية معيار مستقل له فعاليات ومبررات غير ربوية.

3. الآثار السلبية لهذه المشكلة على عمل البنوك الإسلامية:

1) تشكُّك كثير من المسلمين في إسلامية هذه البنوك.

2) ربط أقساط التأجير بمعدل ليبور -وسبق بيانه -.

3) هوامش الربح في البيوع لا تتغير تبعاً لأنواع السلع؛ لأنها مرتبطة بثمن خدمة الائتمان وهي الفائدة العالمية.

4. الحلول المقترحة لمواجهة هذه المشكلة:

1) تقليص صيغ التمويل التي تؤدي إليها وهي التي تقوم على الديون، وقد اتجهت بعض المصارف الإسلامية بعيداً عن بيوع المرابحة إلى التأجير والمضاربة وغيرها، وهذا بلا شك هو الحل الأنجع للمشكلة المذكورة.

2) تطوير معايير للقياس، تكون ذات صلة بطبيعة نشاط البنك الإسلامي، مثل تطوير مؤشر للأرباح المصرفية، أي متوسط ما تحققه البنوك من عملياتها.


* الثالثة: مشكلة عدم تقبُّل الناس لفكرة الخسارة في الحسابات الاستثمارية:

1. وصف المشكلة:

معلوم أن البنك الإسلامي بإمكانه أن يتوقع مقدار ما سيحقق من ربح بصفة دقيقة في أكثر الأحيان، لكن لا يمكنه أن يقطع بذلك؛ لأن الربح ليس مضمونا كالفائدة، ولا يعلم تحققه إلا في نهاية المدة.

والمفترض أن هذا أمرٌ معلومٌ للناس، وأنهم سيتقبلون الخسارة لو حصلت لأن الغنم بالغرم، لكن الواقع يدل على خلاف ذلك، فإن العملاء لا يتقبلون أن يُقال لهم: إن حسابات الاستثمار لم تحقق ربحاً لهذا العام.

2. الآثار السلبية لهذه المشكلة على عمل البنوك الإسلامية:

1) عدم الاستقرار: ذلك أن عدم تقبُّل الناس لفكرة الخسارة يعني سحب ودائعهم.

2) أن البنوك الإسلامية سوف تقتصر على الديون حتى تتفادى أثر تقلبات الأسواق وتغيرات الاقتصاد على معدلات العائد على استثماراتها.

3. الاقتراح المطروح لمواجهة هذه المشكلة:

أن تقتصر الحسابات المقدمة للجمهور على الحسابات الجارية فقط، أما فرص الاستثمار فإنها تكون على صفة صناديق (محافظ استثمار متخصصة) مثل صندوق الاستثمار العقاري، صندوق التأجير، الاستثمار في الأسهم.

* لهذه الطريقة مميزات، منها:

1) أن عميل البنك عندما يودع أمواله في هذه الصناديق يكون على علم كامل بالغرض من الاستثمار واحتمالات الربح والخسارة.

2) حصر الخسائر في صندوق أو صناديق محددة هي التي تستثمر في القطاعات ذات الركود، فلا تؤثر على جميع عائدات الاستثمار.

3) الخسائر لن تلحق كل أموال الاستثمار، مما يدخل الطمأنينة في قلوب أكثر العملاء فلا يهرعون إلى سحب أموالهم من المصارف.

* الرابعة: مصاعب إعادة تشكيل المحافظ الاستثمارية:

1. وصف المشكلة:

معلوم أن الظروف الاقتصادية وأحوال البيئة التي يعمل فيها البنك تتغير وتتبدل، مما يجعل البنك يحتاج إلى إعادة تشكيل محفظة الاستثمار بالاتجاه نحو معدل أدنى أو أعلى من المخاطر ودرجة أقل أو أكثر من السيولة.

وقد تطور العمل الصرفي التقليدي فأوجد لهذه المشكلة حلاً يتمثل في بيع الدين فطورت له أسواق ووجد له وسطاء.

2. الآثار السلبية لهذه المشكلة على البنوك الإسلامية:

لا تجد وسيلة لإعادة تشكيل محتويات محفظة الاستثمار في حال تغير الظروف لعدم جواز بيع الدين، فمن المعروف أن الدين لا يجوز بيعه إلا لمن هو عليه.

3. مقترحات لمواجهة هذه المشكلة:

1) تصميم محافظ الاستثمار بحيث تكون صناديق مفتوحة وليست مغلقة.

2) الحرص دائماً على حصر الديون في صناديق الاستثمار عند أقل من النصف، وما بقي يكون أصولا حقيقية، فإذا أعملنا قاعدة الغلبة التي قال بها بعض الفقهاء فحكمه الجواز.

* الخامسة: مشكلة مخاطرة الأخلاقية:

1. وصف المشكلة:

تأتي المخاطرة الأخلاقية إذا ظهر أن المعلومات المتوفرة للطرف الأول عن الطرف الثاني غير صحيحة أو غير كافية فإن السلوك المتوقع منه سوف لن يتحقق، ومن ثَمَّ يضحى القرار الذي اتخذه الطرف الأول قراراً خاطئاً، وتكون نتيجته الخسارة لذلك الطرف.

وصيغ التمويل الإسلامية (غير الديون) المتعلقة بصدق العميل وأمانته ونواياه الحقيقية مثل المضاربة فسوف نجد أن النتيجة النهائية وهي تحقق الربح واقتسامه مع رب المال (البنك) لا تعتمد على توفر الظروف الاقتصادية المواتية، بل تعتمد أيضا على أمانته المضارب وصدقه وحسن نواياه وإخلاصه، وهي أمورٌ يصعب التحقق منها عند التعاقد.

2. الآثار السلبية لهذه المشكلة على عمل البنوك الإسلامية:

اتجهت البنوك الإسلامية بعيداً عن التمويل بالمضاربة والمشاركة وأنواع الشركة الأخرى لما ثبت لها بالتجربة من تدني مستوى الأمانة لدى أكثر المتعاملين مع المصارف.

3. كيف تتفادى صيغ التمويل التقليدي مشكلة المخاطرة الأخلاقية:

تقوم عقود التمويل في البنوك التقليدية على دين ثابت في ذمة العميل وموثَّق بالرهن والضمانات.

4. مقترحات لمعالجة هذه المشكلة:

1) العمل على سن القوانين التي تحمي أطراف العقود المستمدة من الشريعة الإسلامية، التي تحمي الحقوق في عقود المضاربة والمساقاة والمزارعة وأنواع المشاركات وذلك بمعاقبة من تثبت خيانته عقاباً يكون رادعاً لأمثاله.

2) إعطاء الأفضلية في التعاقد للمؤسسات التي تحرص على ضبط حساباتها ودفاترها بإشراف المراجعين ذوي السمعة الحسنة.

3) الحرص عند صياغة العقود التي تتضمن قدراً كبيراً من المخاطرة الأخلاقية على تضمينها جزاءات مناسبة تدفع المتعاقد إلى الالتزام بنوع السلوك المفترض في أمثاله إما بسبب أخلاقه العالية أو خوفاً من العقاب، مثال ذلك:

أ ) فرض عقوبات على المماطلة في رد رأس مال المضاربة إلى البنك أو التأخر في دفع الأرباح المتحققة حسب المتفق عليه.

ب) الاشتراط بأنه إذا جاءت الأرباح -في عقد المضاربة -أدنى مما توقعته دراسات الجدوى وبدرجة غير مقبولة لرب المال انقلب عقد المضاربة إلى عقد مشاركة في شركة عنان بحيث يمكن لرب المال عندئذٍ أن يشارك في إدارة الأعمال باتخاذ القرارات.

4) تشجيع الطرف الآخر في العقد (المضارب في عقد المضاربة) على الالتزام بالأمانة وذلك بالنص على أن ما تحقق من ربح يزيد عن النسبة المتوقعة في دراسة جدوى المشروع يتنازل رب المال عن حصته فيه.

5) تبنى صيغة لتوزيع الأرباح تولد حافزاً على الجد والاجتهاد لدى الطرف الآخر.

6) (القائمة السوداء) العمل على بناء قاعدة معلومات تتوفر فيها كافة البيانات عن عملاء المصارف، بحيث يستفيد كل مصرف من تجارب الآخرين.

* السادسة: مشكلة تمويل الحكومة:

1. وصف المشكلة:

في الولايات المتحدة تمتص الديون الحكومية نحو 50 % من مجموع المدخرات، ومثلت الديون الحكومية في إيطاليا نحو 105 % من الناتج القومي الصافي، وكل ذلك دليل على أن الحكومة في حاجة بالغة إلى التمويل.

وصيغ التمويل في البنوك الإسلامية تبقى عاجزة عن الوفاء بهذه الحاجة الأساسية.

2. اختلاف تمويل الحكومة عن سائر التمويل:

أ ) إن الحكومة لا تحقق ربحاً من نشاطها ولذا صارت صيغ التمويل المعتمدة على واقتسام الأرباح مثل المضاربة والمشاركة غيرَ صالحةٍ لتمويل الحكومة.

ب) إن أكثر حاجة الحكومة إلى التمويل هي لأغراض تشغيلية مثل صيانة المشاريع أو صرف رواتب الموظفين… وهي حاجات لا يمكن توفيرها حتى بصيغ البيوع المعروفة.

ج) مع أن الحكومات لا تفلس إلا نادراً إلا أنها تميل دائما إلى المماطلة في سداد الديون، وبينما يسهل مقاضاة مدينٍ من القطاع الخاص والحجز على ممتلكاته والتنفيذ على رهونه إن ذلك يصعب في التعامل مع حكومةٍ مدينة.

3. مقترحات لحل هذه المشكلة:

أ ) إن جزءاً لا يستهان به من حاجة الحكومة إلى التمويل هو لأغراض إنشائية، ويقدم عقد الاستصناع صيغةً قابلة للنهوض بحاجة الحكومة.

ب) الحاجة لغرض شراء الآلات والمعدات والسيارات… قابلٌ أن يموَّل بواسطة بيع المرابحة للآمر بالشراء.

ج) ضرورة السعي نحو تعديل تلك القوانين لتسمح بصيغ التمويل الإسلامية.

د ) العقبة الكأداء هو التخوف من المماطلة فبإمكان البنوك التقليدية بيعُ ديون الحكومة لا سيما إن كانت سندات قابلة للتداول، وليس ذلك للبنوك الإسلامية.

إن الحل الممكن لهذه المشكلة يتمثل في ضرورة ربط تسديد الدين المذكور بمصدر دخلٍ حكومي محدد، فمثلاً تصدر الحكومة للبنك البائع سندات لأجل (كمبيالات) مقبولة لدى شركة البترول الحكومية، فإذا تأخرت وزارة المالية في التسديد قام البنك فوراً بالحصول على قيمة تلك الكمبيالة من الشركة المذكورة إما نقداً أو بما يقابلها من البترول أو أي سلعة قابلة للبيع، أو نشاط يولد دخلاً مستمرا لتلك الشركة.

* السابعة: مشكلات الاستثمار في العملات الأجنبية:

يعد الاستثمار في العملات الأجنبية أحد أهم مجالات الاستثمار التي تجني منها البنوك التقليدية عائدات ضخمة، وأضحى اختلاف أسعار العملات وتقلباتها مصدراً للدخل ومورداً لعائد استثماري.

وقد جاءت الشريعة بيان قواعد الصرف وأحكامه وشروط صحته، ومنعت تأجيل أحد البدلين، أو المواعدة عليه أو بوعود ملزمة يتأجل فيها البدلان.

1. وصف المشكلة:

إن المشكلة الأساسية التي تواجهها البنوك الإسلامية هي في معاملات لا تتوفر فيها شروط الصحة الشرعية، فيبيعون اليوم ما اشتروا مع تأجيل التسليم إلى تسعين يوماً أو ستة أشهر أو أقل أو أكثر.

وهنا انتهى البحث في الكتاب..

وفقكم الله يا أحبتي وأسأل الله أن يجمعنا في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في جنته.