العمل الخيري..ماذا يعني ؟ – محمد الخميسي

العمل الخيري.. ماذا يعني؟


محمد الخميسي
23/07/2007
الصحوة نت – خاص

إنه يعني إطعام الجائع، وكسوة العاري، وري العطشان، وإيواء من لا مأوى له، وكفالة الأرامل واليتامى والفقراء والمساكين، وقضاء حوائج الناس التي لا يستطيعون لها قضاء، وتوفير متطلبات الحياة وحاجاتها المادية والمعنوية لمن عجز عن توفيرها أو قصرت استطاعته عن سدها وتوفيرها، والمبادرة إلى إغاثة الملهوف، ونجدة المنكوب، وتنفيس كربة المكروب.

إن القيام بهذه الأمور لا يستحق أن يسمى عملاً خيرياً إلا إذا كانت بواعث المبادرين إليه صحيحة، وأرادوا به وجه الله، وكانت نواياهم فيه خالصة له، وذلك ما نجده في كتاب الله تعالى، حيث قال في وصفه لعباده الصالحين (يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً، ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا، إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً، فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقّاهم نضرة وسروراً، وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً).

فهذه الآيات الكريمة وغيرها من الآيات في كتاب الله تحدد لنا معالم العمل الخيري والتي لا يستحق أن يسمى بهذا الاسم إلا بأمور ثلاثة:

الأول: مبادرة الإنسان إلى مساعدة أخيه الإنسان والوقوف إلى جانبه.

الثاني: بواعث إيمانية ومشاعر كريمة تبعثه إلى ذلك وتحركه إليه.

الثالث: أن يقصد بذلك وجه الله وحده يرجو ثوابه ويخاف عقابه، ولا يتطلع إلى جزاء مادي أو معنوي من أحد من الخلق.

العمل الخيري إذا عطاء خير يسير الإنسان في نفع أخيه الإنسان يدفعه إليه إيمانه بالله ورجاء ثوابه وخوف عقابه وتعاطفه مع أخيه الإنسان ولا يريد به جزاء ولا شكوراً من أحد من المخلوقين ويتسع مفهوم العمل الخيري ليشمل كل ذي كبد رطب لقوله صلى الله عليه وآله وسلم (وفي كل كبد رطب أجر) فهذه معالم العمل الذي يكون بها خيرياً وبدونها يكون مجرد تبادل منافع، وشتان بين العمل الخيري وتبادل المنافع.

والعمل الخيري عمل يعبر به الإنسان عن إيمانه وإنسانيته، فالإنسان حقاً هو الذي يؤمن بربه ويوحده ويؤمن تبعاً لذلك بأن لأخيه الإنسان عليه حقوقا يجب عليه أداؤها إليه وعليه واجبات عليه أن يقوم بها نحوه فهو يرى أن ما يقوم به من خير تجاه أخيه الإنسان إنما بقوم بواجبه نحوه ويؤدي إليه حقه وشعاره (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءاً ولا شكوراً)، وذلك ما لا يعرفه الذين لا يرون في علاقة الإنسان بأخيه إلا أنها تبادل منافع لا غير، فهم لا يعطون شيئاً دون مقابل دنيوي ويحصلون عليه فما يعطون في مجالات العمل الخيري من جهد ومال إنما يريدون جزاء من الناس ماديا أو معنويا أو شكوراً منهم ومكاسب يحصلون عليها يشبعون بها شهوات أنفسهم وأطماعها ويلبون بها أهواءها ورغباتها، فهم يدورون حول هذه المكاسب عطاء ومنعاً يعطون فيها ومن أجلها ويمنعون فيها ومن أجلها.

فمنهم من يمارس من العمل الخيري أو يدعمه طلباً لحسن السمعة وثناء عليه وعلو مكانته في نفوسهم، ومنهم من يستخدمه كوسيلة ودعاية لنشاطه الاقتصادي والتجاري والترويج لبضاعته وإنتاجه، ومنهم من يستخدمه لكسب الولاء الشخصي أو الطائفي أو المذهبي أو الحزبي، أو يتخذ منه وسيلة ترغيب وترهيب لكسب أصوات الناخبين أو يقدمه مقابل خدمات يرجو تقديمها من المستفيدين منه يقدمونها له دعماً لمكانته الاقتصادية أو الاجتماعية أو توجهه السياسي.

فما يقوم به هؤلاء وأمثالهم من عمل في مجالات العمل الخيري أو دعمه أو يبذلونه فيه ليس عملاً خيرياً في الحقيقة وإنما هو تبادل منافع ربما كانت مكاسبهم منهم أكثر مما يعطون لأن العلم الصالح إنما يكون صالحاً بشرطين:

الأول: أن يكون خالصاً لوجه الله.

الثاني: أن يكون طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وموافقاً لشرعه.

إن العمل الخيري بمفهومه الذي بيناه له مكانته العالية في ديننا فهو عبادة لله نعبده به، وهو من أعظم القربات التي نتقرب بها إليه عز وجل، وهو باب واسع ندخله لنيل رضا الله والجنة، فهو من أوسع أبواب فلاحنا في حياتنا الدنيا والآخرة، حيث قال سبحانه (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) وهو سبيلنا لبناء المجتمع الصالح مجتمع التعارف والتواد والتعاون والتعاطف والتراحم والتكافل، وهو سبيلنا إلى القضاء على الفقر ووقاية مجتمعنا من الآثار والنتائج السيئة والعواقب الوخيمة لانتشاره فيه، وهو السبيل لتقديم الصورة الصحيحة لديننا ونشر دعوته وتأليف القلوب واستمالتها إليه.

إن فرائض الإسلام وواجباته الجماعية الكفائية هي قوام المجتمع المسلم ونموه وارتقائه المعنوي والمادي، والعمل الخيري يشمل الكثير من هذه الفرائض، إن العمل الخيري اسم جامع لكل خير ينفع الناس في حياتهم الدنيا إذا قام به فاعله امتثالاً لأمر الله تعالى وابتغاء لوجهه لا يريد به جزاءاً ولا شكوراً من أحد من الخلق.

نحن أمة الخير، فالخير قولها والخير فعلها وعملها وإلى الخير دعوتها، فنحن أمة يلزمها دينها أن تقول الخير، فالحق سبحانه يقول (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس) ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) ويلزمها أن تفعل الخير حيث قال تعالى (يا أيها الذين أمنوا اركعوا واسجدوا وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) ويلزمها بالدعوة إلى الخير، حيث قال سبحانه (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون).

الصحوة-اليمنية

http://www.alsahwa-yemen.net/view_news.asp?sub_no=2_2007_07_23_57568

مقال منشور في الصحوة نت اليمنية .